
لقد كان لاجتماعات مجلس الإمارات المتصالحة دور بارز في بناء علاقة ودية بين الجيل الجديد المفعم بالحماسة، فكان أن نشأت علاقة دائمة بين الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، و الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، هذه العلاقة كان لها دور بارز في وحدة دولة الإمارات، لقد أتاحت اللقاءات بين الحكام على أرض محايدة إلى توثيق المعرفة بين بعضهم بعضًا، وتعميق صداقتهم، الأمر الذي سهل تجاوز سلبيات الماضي . [1]
أعلنت الحكومة البريطانية في الثاني من يناير 1968مـ أنها ستنسحب من المنطقة، وعلى الرغم من أن القرار كان مفاجئًا للحكام، إلا أنهم أدركوا وبسرعة أن عليهم أن يقفوا صفًا واحدًا من أجل خدمة شعوبهم؛ لتبدأ الخطوات نحو وضع إطار سياسي جديد للمنطقة، لكن هذه المحاولات كانت تصطدم بتأثيرات الاحتلال البريطاني الذي امتد لأكثر من قرنين من الزمان.
كانت الخطوة الأولى والحاسمة على طريق الاتحاد هي توافق الرؤى بين الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان حاكم أبوظبي، والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم ، حاكم دبي؛ إذ تم عقد اتفاقية ثنائية مبدئية بين الحاكمين في فبراير 1968 تدعو إلى إقامة اتحاد بين أبو ظبي ودبي، وتنص على تشكيل دولة فيدرالية واحدة، تكون فيها السياسة الخارجية والدفاع والأمن مشتركة، كما قام الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان لتعزيز هذا الاتحاد بحل مشكلة الحدود مع دبي .
لقد فتحت هذه الاتفاقية الباب مشرعًا أمام إقامة اتحاد أوسع وأشمل؛ يمتد إلى بقية الإمارات الأخرى، فدعا كل من الأب المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم حكام الإمارات الخمس في الساحل المتصالح إلى الانضمام لهذا الاتحاد، كما دعيت كل قطر والبحرين؛ بهدف جعل الاتحاد أوسع. لقيت هذه الدعوة تأييدًا كبيرًا، الإمارات التسع في 27 فبراير 1968مـ ، ووقعوا اتفاقية تختص بالتعاون على إقامة اتحاد يجمع بينهم، غير أن هذا الاتفاق كان في أضيق حدوده.
كانت إمارة أبوظبي بزعامة الشيخ زايد أكثر واقعية في مسألة الاتحاد التساعي، وكانت ترى أن المرحلة الأولى يجب أن تقتصر على عضوية إمارات الساحل المتصالحة المتلاصقة لأن حكام هذه الإمارات عملوا معًا في مجلس الإمارات المتصالحة ، وبالفعل وبعد مضي عامين على توقيع اتفاق الاتحاد تبادلت كل من قطر والبحرين الاتهامات بفشل الاتفاقية؛ الأمر الذي استدعى تدخل كل من المملكة العربية السعودية ودولة الكويت؛ لدعم قيام اتحاد تساعي، وكان الشيخ راشد يرى أن نواة الوحدة بين أبوظبي ودبي تشكل طريقًا ميسرًا نحو قيام اتحاد اتحاد سباعي.
لقد استمرت النقاشات ما يقارب ثلاث سنوات على مستويات مختلفة، وأخذت تشكل هذه المباحثات الأولوية القصوى لدى الشيخ الشيخ زايد في الأشهر الستة الأخيرة التي سبقت انسحاب القوات البريطانية، وقد تفهم بأفقه الواسع الظروف التي دعت البحرين إلى اختيار الاستقلال، وعدم الانضمام إلى الاتحاد، وأصبح ينظر إلى الاتحاد المحدود بين الإمارات السبع على أنه الخيار الواقعي الوحيد.
وما إن عُهد إلى الشيخ زايد بمهمة تشكيل كيان سياسي جديد وقوي في منتصف 1971مـ ؛ حتى اتخذ زمام المبادرة، وقام بدعوة الحكام الست إلى الاجتماع والتباحث في أبوظبي، لكن النتائج كانت مخيبة للآمال في أحد جوانبها.
وفي 10 يوليو 1971 عقد الاجتماع الذي حضره جميع الأعضاء، وقد كان من الواضح فيه أن معظم الإمارات تفضل ترتيبات تعطيها استقلالية واسعة، في 13 يوليو 1971م ، وبعد مناقشات غير مثمرة طرح الشيخ زايد وبشكل مباشر مسألة الاتحاد، الأمر الذي دعا حكام الإمارات الست الأخرى إلى أن يتخذوا قرارًا واضحًا؛ فأبدى الحكام رغبتهم في الاتحاد، وفي 18 يوليو 1971 تم التوصل إلى اتفاق بين الإمارات الست، ووقّع حكام تلك الإمارات اتفاقًا مشتركًا، كما تم الاتفاق على دستور مؤقت يركز بشكل أساسي على الوضع الاجتماعي والاقتصادي للاتحاد.
وفي الثاني من ديسمبر عام 1971مـ عقد اجتماع في قصر الجميرا في دبي وأصبح يسمى "دار الاتحاد" ؛ حيث تم الإعلان رسميًا عن تأسيس دولة مستقلة ذات سيادة هي دولة الإمارات العربية المتحدة. وتتكون من الإمارات المتصالحة الست: أبوظبي،دبي، الشارقة، عجمان، أم القيوين ، الفجيرة، كما رفع للمرة الأولى علم الدولة الجديد بألوانه: الأحمر والأخضر والأسود والأبيض .
تأخر انضمام إمارة رأس الخيمة إلى الاتحاد، وفي 10 فبراير 1972مـ انضمت إلى بقية الإمارات؛ ليكتمل عقد الاتحاد بين الإمارات السبع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق